السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، أصلي ولكن أُصبت بمرض، أصلي بعض الأوقات جالسًا بسببه، وهو خشونة في الفقرات والحمد لله، ولكن في بعض الأحيان أسهو في الصلاة، مثلاً بعد الركعة الثالثة أظن أنها الثانية وأقوم بقراءة التشهد وفي منتصف التشهد أتذكر أنها الثالثة وأنا جالس، طبعًا لا أقوم.. فما العمل؟ وكيف أتم صلاتي إذا سهوت فيها أو في غيرها؟ أفيدونا وجزاكم الله خير الجزاء.
المفتي: فريق الفتوى بالموقع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، فقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني".
فقد روى البخاري في الصحيح من طريق علقمة قال: قال عبد الله: صلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص، فلما سلم قيل له يا رسول الله: أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا!! فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني".
وقد سها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاته، فماذا فعل؟! فنحن يجب أن نلتمس هديَه في كل شيء، فسهوه- صلى الله عليه وسلم- في الصلاة نعمةٌ من نعم الله علينا.. يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه".
وإليك هديه- صلى الله عليه وسلم- في ذلك:
بعض الأدلة التي وردت في السهو في الصلاة
أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ (متفق عليه).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيِ الْعَشِيِّ- أي الظهر أو العصر- قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إلى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ . فَقَالَ: أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ . فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ . فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ) (البخاري ومسلم).
أخرج مسلم من حديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ، وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إلى النَّاسِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ" (أخرجه مسلم)
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ إِبْرَاهِيمُ لا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ- فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ: إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) (متفق عليه).
حالات السهو في الصلاة
إذا كان السهو عن نقص: سجد قبل السلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام حين ترك التشهد الأول، كما في حديث عبد الله بن بحينة.
إن كان عن زيادة في الصلاة: إن تذكر بعد الفراغ من الزيادة فعليه السجود للسهو، وإن تذكر في أثناء الزيادة فيتوقف ويسجد للسهو بعد السلام ثم يسلم ثانيةً، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام حين زاد في الصلاة ركعةً خامسةً كما في حديث عبد الله بن مسعود، وسجد بعد السلام أيضًا حين زاد سلامًا بعد الثانية في صلاة الظهر كما في قصة ذي اليدين.
الشك في عدد الركعات: يسجد قبل السلام عند الشك في عدد الركعات بعد أن يَبني على اليقين كما في حديث أبي سعيد، وحديث ابن عوف رضي الله عنه إن لم يترجَّح عنده أحد الأمرين فإنه يبني على الأقل ويسجد للسهو قبل السلام.
ترك التشهد: إذا ترك التشهد الأول ساهيًا فإذا وقف قائمًا ثم تذكَّر بعد قيامه فنه يستمر في صلاته ولا يعود لوضع التشهد جالسًا، وإذا تذكر ولم يتنصب قائمًا بعد فإنه يرجع إلى وضع التشهد ويتشهد ويكمل الصلاة ثم يسجد سجود السهو قبل السلام، لاحظ السهو في بقية الواجبات يأخذ حكم التشهد الأول، وراجع مجموع الفتاوى 23/25 ورسالة سجود السهو لابن عثيمين ونيل الأوطار للشوكاني.