بالنسبة للمسافر المقيم في بلد عدة أيام يقصر ويجمع في الصلاة أم لا؟ وما شروط ذلك؟
أجاب عن هذا السؤال: فضيلة الشيخ سعد فضل من علماء الأزهر الشريف:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:
السفر مظنة المشقة والتعب؛ لذا كان من سماحة الشريعة الإسلامية ويسرها أنها رخَّصت في تخفيف الصلاة على المسافر حتى لا يكون في أدائها مشقة أو إرهاق له، وصلاة المسافر أو السفر- الصلاة الرباعية وهي الظهر والعصر والعشاء يؤدها المسافر ركعتين قصرًا، وله أن يصلي جمع تقديم أو تأخير ليكون عنده متسعٌ من الوقت لقضاء مصالحه ومهامه في السفر، وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في سفره، وكذلك الصحابة من بعده، وعليه إجماع المسلمين، وهي رخصة من الله سبحانه لعباده، والرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنَّ الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه".
والمسافر إذًا يقصر ويجمع متى كان السفر أكثر من ثلاثة وثمانين كيلو مترًا، والفرق بينه وبين المقيم إنما هو في إباحةِ جمع وأداء كل صلاة رباعية ركعتين فقط.
وللمسافر أن يقصر ويجمع ما دام مسافرًا فإن أقام لحاجةٍ ينتظر قضاءها قصر كذلك؛ لأنه يعتبر مسافرًا، وإن أقام مدة طويلة، فإن نوى الإقامة لمدة معينة فالذي اختاره ابن القيم أن الإقامة لا تخرج عن حكمِ السفر، سواء طالت أم قصرت، ما لم يستوطن المكان الذي أقام فيه.
وقال مالك والشافعي: إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه- إن نوى إقامة خمسة عشر يومًا أتم، وإن نوى دونها قصر.
وقال الإمام أحمد: إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر، فالأئمة الأربعة متفقون على أنه إذا أقام لحاجةٍ فإنه يقصر ما دام قضاؤها يقول: اليوم أخرج، غدًا أخرج، إلا أن الشافعي في أحد قوليه، فإنه يقصر لمدة سبعة عشر أو ثمانية عشر يومًا ولا يقصر بعدها.
وقد قال ابن المنذر في (إشرافه) أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر، ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون.
هذا، وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله تعالى أعلم.